الخميس، 23 ديسمبر 2010

تعريف الأدب البوليسي

بسم الله الرحمن الرحيم

سأخصص المدونة إن شاء الله تعالى للحديث عن هذا اللون الأدبي المنسي في العالم العربي للأسف الشديد، والغريب في الأمر أن هذا النوع لا يلقى الاهتمام اللازم أو المكافئ لحجم الانتشار والإنتاج.

لقد عشقت هذا النوع ولكن للأسف لم أجد إلا محاولات قليلة أغلبها يعاني من ضعف شديد غن قارنته بما يقدمه الكتاب الغربيون في هذا المجال.
أتذكر أن بدايتي مع الرواية البوليسية كانت مع رواية لغز الغرفة الصفراء le mystère de la chambre jaune للكاتب الفرنسي جاستن لورو gaston leroux وأصدقكم قولا أنني لم استطع ترك الرواية من يدي فأنهيتها في يومين فقط ، سأتحدث عن هذه الرواية وعن بطلها في تدوينات قادمة بإذن الله ولكن اقول هنا مبدئيا أن هذه الرواية تتربع عرش الروايات البوليسية عندي.

يكاد يتفق المتحدثون عن الأدب البوليسي أنه عبارة عن الرواية أو القصة التي تبنى على عملية التحري التي يقوم بها رجال البوليس أو تحر خاص - وهذا هو الغالب - بحثا عن مرتكب جريمة أو عدة جرائم وتغليف عملية البحث هذه بإطار تشويقي واركز هنا على هذه النقطة فهي حجر الاساس في الأدب البوليسي إذ بدون تشويق واندفاع للأدرينالين لست ادري كيف سندخل رواية في هذا النوع ، نعم جزئية اللغز والشك هي ما يعطي للأدب البوليسي نكهة محببة عند محبيه وسنتحدث عن هذه النقطة في مقال خاص بإذن الله تعالى ، نحن الآن نقوم بمقدمة صغيرة فقط.
وقد اختلف المتحدثون في هذا المجال حول تعريف الرواية البوليسية لكن الثوابت التي لا تختلف ستساعدنا في إعطاء تعريف لها.
لذا سأبدأ بذكر بعض الضوابط التي لا تكون الرواية بوليسية إن أخل الكاتب بها:
1- وجود جثة أو جريمة على الأقل:
عدم تواجد هذا العنصر في رواية بوليسية يضمن لها الفشل الذريع بل يجعلها بعيدة كل البعد عن الإنتماء للأدب البوليسي وقال البعض أنه كلما زاد عدد الجرائم كلما زادت الإثارة وكلما زادت رغبة القارئ في معرفة القاتل والتوصل للعدالة.
2- الدافع لارتكاب الجرم: 
ينبغي أن ينتبه الكاتب إلى هذه النقطة ولا يغفلها ، فالناس لا تقتل لمجرد القتل وحتى المختلون يكون لديهم على الأقل سبب لاختيار ضحاياهم.
3- المجرم:
فلا جرم من غير مجرم وهنا اشير إلى نقطة مهمة وهو أن المجرم ينبغي أن يكون شخصية بارزة وليست من الشخصيات الثانوية ، كما أنه ينبغي أن يظهر مع بداية الرواية وليس في منتصفها وما إلى ذلك، ومن ذكاء الكاتب أن يقود القارئ إلى استبعاد المجرم من قائمة المشتبه بهم فكلما نجح في ذلك كلما حازت روايته الإعجاب، كما أضاف البعض بوجوب عدم تواجد أكثر من مجرم في الرواية ، وعن نفسي لست مقتنعا بهذه النقطة فتواجد أكثر من مجرم لا يقدح في الرواية.
4-الضحية: 
ينبغي أن ينجح الكاتب في جعل القراء يتعاطفون مع الضحية ويرغبون في الانتقام لها وتحقيق العدالة بكشف هوية القاتل أو مرتكب الجرم ولا ننسى أ نشير هنا أن بعض الكتاب قد يجعل المجرم يلبس ثوب الضحية وهذا ذكاء فاغلب القراء يستبعدون الضحية في أغلب الأحيان من زمرة المشتبه بهم.
5-عملية التحري: 
وهذه اهم نقطة في الرواية البوليسية والاديب الناجح هو من يتقنها، ونشير هنا إلى عدة نقط مهمة:
- ينبغي ألا يحس القارئ بأن المؤلف قد غشه لذا يجب أن تتصف كلماته بالوضوح لا الإلغاز ،وعندما يكشف الحل يلاحظ القارئ الذكي أنه كان بإمكانه اكتشافه أيضا اعتمادا على الإيحاءات المبثوثة هنا وهناك في نص الرواية.
- الكاتب الذكي يجعل القارئ يتذبذب بين الشخصيات فيشك تارة في هذا وتارة في ذاك ، وذلك ببث أدلة تقود إلى هذه الشخصية او تلك وهذا اكثر ما أعجبني في رواية لغز الحجرة الصفراء السابقة الذكر.
6- المحقق:  
وهو بطل الرواية وينبغي أن يجعله الكاتب يبدو غاية في الذكاء ، ويلاحظ ان اغلب كتاب الرواية البوليسية يجعلونه شخصية هزلية لكي يبثوا هنا وهناك لمحات مرحة تضفي على الرواية نوعا من الطابع الفكاهي.
أضاف البعض أنه ينبغي الابتعاد عن ما يسمى بالجانب الغرامي في حياة المحقق فإن هذا يشوش على العناصر الاخرى.
7-حل اللغز: 
وهنا سقط البعض وأغضبوا القراء فتجدهم يقومون بعمل لا بأس به في ثنايا الرواية ولكن عند النهاية يصدمون القارئ بحل خيالي لا يتسم بالموضوعية والواقعية، فنرى البعض يجعلنا نسير خلفه طيلة الرواية وفي الاخير يصل إلى الحل في حلم أو رؤيا، أو ي الحل اعتمادا على أمر لم يذكر في ثنايا الرواية بل ترك إلى مرحلة الكشف وكأن الكاتب يقول للقارئ:أنا آسف لانني لم اشركك معي في كل شيء.
أترككم في رعاية الله تعالى وإلى اللقاء في مقال آخر.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق